تعرّفوا على المرشحين النهائيين: لجائزة محمد مكية للشخصية المعمارية الشرق أوسطية دورة 2024 – شذى صافي
في هذه السلسلة من المقابلات، نلتقي بالمرشحين النهائيين لجائزة محمد مكية للشخصية المعمارية الشرق أوسطية لعام 2024، الذين لعبوا أدوارًا بارزة في تطور العمارة والبيئة العمرانية في المنطقة.
أُطلقت جائزة محمد مكية عام 2014، وتُمنح كل سنتين للأفراد أو المؤسسات الذين ساهموا في الترويج، التشجيع، والتوعية، وكان لهم تأثير مباشر أو غير مباشر على تطور العمارة والبيئة العمرانية في الشرق الأوسط خلال فترة محددة.
في هذه المقابلة تنضم الينا شذى صافي، معمارية ومديرة مؤسسة رواق، التي تستكشف من خلال عملها موضوعات ترميم، وحماية، و توثيق الموروث الثقافي. تناقش شذى مشاريع الترميم التي قادتها وأهمية الحفاظ على المباني التاريخية في فلسطين، إضافةً إلى رؤيتها لدور العمارة في تعزيز الهوية الثقافية والمجتمعية.
نبذة شخصية مختصرة عنكم وعملكم
شذى مهندسة معمارية تشغل حالياً منصب مدير رواق. انضمت شذى إلى فريق رواق سنة 2008 بعد حصولها على شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة بيرزيت، وفي العام 2016 حصلت على درجة الماجستير في الموروث العالمي وإدارة المشاريع الثقافية من جامعة تورينو/ إيطاليا. عملت شذى على إدارة والعمل في عدة مشاريع إعادة التأهيل في البلدات القديمة في القرى الفلسطينية ضمن مشروع الخمسين بلدة قديمة في رواق مثل بيت إكسا، وحجة، وبيرزيت، وبلدة قلنديا. مهتمة بالمشهد الثقافي والاندماج المجتمعي. كما وأنها عضو مؤسس في الشبكة العربية للمدربين والميسرين ولديها خبرة في تيسير جلسات تدريبية وورش عمل.
خلال عملها كمديرة لمركز رواق، عززت شذى رسالة ورؤية المؤسسة في ترميم وحماية وتوثيق الموروث الثقافي ومنها مشاريع تهدف لتحدي الشرذمة الجغرافية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على القرى والمناطق الفلسطينية. بالإضافة إلى تعزيز مشاركة المركز بفعاليات ثقافية وفنية في العالم وفي المنطقة العربية. نجحت شذى بتعزيز الاستدامة المادية لرواق ودعم رؤيته للتركيز على الحرف التقليدية والإنتاج المعرفي.
رواق مؤسسة أهلية لا ربحية، هدفها الرئيس حماية الموروث الثقافي المعماري في فلسطين. انطلق رواق عام 1991 عندما اجتمعت مجموعة من الناشطين في جهد منظم لإنقاذ المباني التاريخية في فلسطين. تتمثل مهمة رواق في حماية واستعادة وتأهيل التراث المعماري والثقافي في فلسطين من خلال برامجها الرئيسية: برنامج الترميم، وبرنامج إعادة إحياء أهم 50 مركزاً تاريخياً، والبرنامج المجتمعي والثقافي. يساهم رواق في إنتاج ونشر المعرفة حول التراث من خلال برنامج البحوث والمنشورات، بما في ذلك سجل المباني التاريخية في فلسطين، ويعمل بالتعاون مع الجهات الفاعلة الأخرى على بناء بيئة مؤسسية وقانونية مواتية.
تعتبر شذى احدى النماذج المكافحة التي كرست العمارة كعمل نضالي فأخبرينا عن هذا الجانب بتوسّع
إيماناً بأهمية الموروث الثقافي في القضية الفلسطينية عمل رواق على توثيق المباني التاريخية سواء من خلال سجل رواق والذي وثق أكثر من 50،320 مبنى تاريخي في منطقة الضفة الغربية والقدس وغزة أو من خلال أرشيف رواق ومشاريع الترميم والإحياء. تشكل العلاقة مع المجتمع المحلي من خلال توفير بنية تحتية ثقافية بديلة للمؤسسات القاعدية في المباني التي يتم ترميمها جوهر عمل رواق ورؤيته لدعم القضية الفلسطينية.
يركز رواق جهوده في المناطق الريفية، وفي غالبها مناطق مهمشة وتتعرض للتضييق والاستهداف ومشاريع مصادرة الأراضي. يهدف رواق إلى الحفاظ على الموروث الثقافي في هذه المناطق من جهة وتعزيز صمود اهاليها من خلال توظيف الموروث الثقافي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إن ربط العمارة والموروث الثقافي بالقيمة الاجتماعية والتاريخية وتعزيز السرديات المحلية والعلاقات بين الأجيال المتعاقبة تضع المعماري في جوهر العمل النضالي وتحدي النهج الاستعماري.
تساهم شذى من خلال عملها في إدارة المركز إلى توفير المدعم والموارد لاستمرار عمل المؤسسة من جهة وإلى بناء القدرات وتحقيق نمو عضوي لأنشطة وبرامج المؤسسة من جهة أخرى. يعمل رواق استجابة لاحتياجات وتطلعات مجتمعه وتحدياً لسياسات الاحتلال، وعلى هذا الأساس تطور عمل المؤسسة ليخلق مجموعة من البرامج التي يعمل فيها بشكل متوازٍ، من التوثيق إلى الترميم وتطويع الاستخدام وإعادة الأحياء وتطوير التجمعات وربط المراكز التاريخية معاً من خلال مجتمعاتها وأنشطتها الزراعية والحرفية والثقافية.
وعلى مدى السنوات الماضية، كان واحد من أهداف رواق الاستراتيجية هو إعادة إحياء 50 قرية من أهم القرى والبلدات في ريف فلسطين، وذلك بهدف توسيع رقعة ووتيرة العمل في حماية الموروث الثقافي وتوظيفه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحدي الشرذمة الجغرافية التي فرضها الاحتلال من خلال ربط هذه الفرى ومجتمعاتها. وقد نفذ رواق برامج ترميم وحفاظ في أكثر من21 قرية وبلدة. وفي العام 2017، شرع رواق في مرحلة جديدة من عمله في مجال التراث في فلسطين من خلال رؤية مشروع ” طوق النجاة: إعادة إحياء وتطوير الريف المقدسي” .
وبدلاً من التركيز على قرى منفردة من قائمة القرى الـ50، بدأ رواق العمل، في العام 2017 وحتى يومنا هذا، ضمن مقاربة جديدة تنظر إلى مجموعة من القرى كتجمع واحد. وفي الوقت الذي تقر هذه المقاربة بأهمية كل قرية، فإنها تنطلق، أيضاً، من إمكانيات الترابط المحتمل بين هذه القرى واعتمادها على بعضها البعض، بما يخدم مصالح مجتمعاتها. لا تشكل هذه المقاربة نهجاً استسلامياً لتجزئة فلسطين إلى جيوب صغيرة يمكن حكمها واستعمارها بسهولة، وإنما تسعى، بالدرجة الأولى، إلى ضمان عدم ترك أي شخص معزولاً، وللاستفادة من أي مساحة. وتنطلق هذه المقاربة من أن كل المواقع لها القدر نفسه من الأهمية في أي عملية تنمية اجتماعية – اقتصادية – سياسية – ثقافية في فلسطين. كما تطرح السؤال حول ما يمكن أن يحدث إذا قمنا بهدم الحدود وإعادة ربط القرى مع بعضها البعض، وربط القرى مع المدن في جمع أنحاء فلسطين. وبهذا يصبح “التجميع” مفهوماً أو رؤية أو إمكانية أو مجالاً للتجريب في مجال التراث الإشكالي والمتنازع عليه. وكمشروع تجريبي لهذه المقاربة التي تعتمد العمل والبناء من الأسفل إلى الأعلى وليس العكس، شرع رواق في العام 2017 في ترميم قلنديا، والجيب، وكفر عقب، وجبع (جميعها في محافظة القدس) ضمن مشروع أطلق عليه رواق اسم “طوق النجاة”.
وبالرغم من وجود رؤية تجمع قرى القدس إلا أن المشروع أخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مركز تاريخي، مجتمعه، إمكاناته وتاريخه الشفوي الخاص كمحرك لمشروع إعادة الاحياء. فتميز مشروع كفر عقب برؤية تكوين بؤرة ثقافية تجمع ثلة من المؤسسات الفاعلية كمكتبات سراج ودار الحكايا ومنتدى الفنون البصرية ومؤسسة دالية المجتمعية ونادي شباب كفر عقب الكشفي وجمعية المكفوفين. أما الجيب فتركز العمل فيها على الترميم الوقائي للمباني والعلالي والأزقة والساحات وباهتمام خاص بخلفيتها التاريخية والأثرية من خلال ربط البلدة القديمة بالمواقع الأثرية المحيطة. وتم ترميم مقر للجنة حماية الجيب وهي مبادرة مجتمعية فاعلية شكلت نواة للاهتمام المجتمعي بالموروث الثقافي والتنمية ودعم النساء والأطفال. وفي بيت حنينا شكل الترميم الوقائي لجزء من الأحياء التاريخية نقطة انطلاق لعلاقة وثيقة مع المجتمع تتيح عملية تخطيط قاعدي لمشروع إعادة الإحياء كاستجابة لتطلعات واحتياجات أهله ومؤسساته المحلية.
العاملين في التراث في الوطن العربي قليلون ويلاحظ في عملكم انكم تتعاملون مباشرة مع حرف يدوية قديمة كالحجر والسيراميك ؛ حدثينا عن أهمية هذه الحرف وكيف يمكن ان تحفظ الهوية ؟
منذ عام 2000، أدّت السياسات الإسرائيلية إلى ارتفاع معدّل البطالة لدى العمّال الفلسطينيّين. ردّاً على هذه السياسات الاستعمارية القاسية، أطلق رواق برنامج تشغيل: “خلق فرص عمل من خلال الترميم،” للمساهمة في توفير فرص عمل وتدريب للشباب في القرى والبلدات الفلسطينية. ولاحقاً تأثر سوق العمل الفلسطيني بشكل سلبي كبير إزاء تضييقات الاحتلال وحتى يومنا الحالي بسبب حرب الإبادة المستمرة على غزة واستهداف مناطق الضفة الغربية. يؤمن رواق بأهمية دعم وتطوير العمّال الفلسطينيين وخاصة في المجتمعات التي يعمل بها. بهذا، بشراكة مع مؤسسات فلسطينية ودولية وضمن مشاريع الترميم استطاع رواق التركيز على العمال والحرفيين الفلسطينيين من خلال التدريب المهني وخلق فرص عمل تغطي هذه التدريبات مواضيع متعلقة بالترميم والحفاظ والصيانة.
ينظم رواق بشكل دوري ورشات عمل متخصصة وتدريبات في مواقع الترميم في الحرف ذات العلاقة وينتج عنها أيضا توثيق لآليات العمل وإنتاج مواد معرفية يمكن نشرها والاستفادة منها لاحقاً وفي برامج تدريبية أخرى. يركز البرنامج التدريبي على ممارسات مشابهة وحرفيين متخصصين من فلسطين والخارج ويتحرك في المحافظات المختلفة بتركيز على ورش العمل والحرف والصناعات ذات العلاقة كمصانع البلاط التقليدي الملون والطوب الزخرفي وورش الحدادة والنجارة.
يسعى رواق إلى توثيق الحرف التقليدية بجانبها التقني والاجتماعي والاقتصادي وعلاقتها بهوية المجتمع وارتباطها بحركات التجارة والعلاقات مع الإقليم، إذ ارتبطت فلسطين بحركات تجارية وحرفية مع سوريا ولبنان ومصر، وفي الوقت الذي اندثرت بعض هذه الحرف إن لم يكن أغلبها، تعزز مشاريع الترميم وإعادة التطويع الحرف التقليدية وتفتح أفقاً جديداً لتنويع فرض العمل وربطها بالصناعات الإبداعية والتصميم والعمارة وتعزيز هوية العمارة المحلية والإنتاج المحلي متحدياً الأنماط الاستهلاكية والاستعمارية المهيمنة على مشهد العمارة في المناطق العربية.
قمتم بمشاريع توثيق في غزة قبل الأحداث الأليمة التي تشهدها الساحة حاليا وبعض ما قمتم بتوثيقه تعرض للتدمير وجمعتم الحجر ؛ وهذا عمل متميز في نظرنا ونود أن نعرف أهمية ذلك وهل تستطيعون اعادة الإعمار بذات المواد مع توفر التوثيق لديكم؟
جعلت مجازر الاحتلال الإسرائيلي غزة أكثر الأماكن غير الصالحة للسكن على وجه الأرض. تضوّر شعبنا جوعا وتعرّضوا للجفاف وتُركوا ليتحملوا أقسى الأيام. وصل تدمير أي وسيلة من وسائل الحياة إلى البنية التحتية في غزة بشكل كلي أو جزئي، فدُّمرت المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والمنازل، وأي بنية تحتية من شمال القطاع إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.
لم تسلم المباني التاريخية من الدمار. يوجد في قطاع غزة حوالي 420 مبنى تاريخيًا وتقع معظمها في البلدة القديمة في غزة. والبعض الآخر في دير البلح وخانيونس. وكانت هذه المباني، التي تتراوح بين مباني للخدمات العامة والمنازل السكنية، بمثابة شهادات على التاريخ الغني والتراث الثقافي لقطاع غزة وشعبه.
كممارسين/ات في قطاع الموروث الثقافي، فإنه من واجبنا أن نعمل بشكل جمعي من أجل المساعدة في الحفاظ على حياة الناس في غزة، والمباني التي سيتم إعادة إعمارها وترميمها. تخدمهم هذه المباني كمساحات آمنة وتعزز شعورهم بالملكية والانتماء. رواق جزء من مجموعة مؤسسات وجهات عاملة ومتخصصة في الموروث الثقافي والتي اجتمعت معاً لتوحيد الجهود لحماية وإنقاذ الموروث الثقافي في غزة وإعادة الاعتبار لهويتها المستهدفة. يسعى رواق إلى جمع الموارد للقيام بمهام تقييم وترميم والحفاظ على المباني التاريخية في قطاع غزة. إنه مشروع لغزة من قبل شعبها، الذي لا يزال صامداً، والذي لا يزال يجد الأمل في الألم.
تم استهداف وتدمير وإلحاق أضرار جسمية لعدد من المباني التاريخية التي عمل رواق على ترميمها بالتعاون مع شركائنا ومنها بيت الغصين الأثري والذي استهدف أكثر من مرة ودمرت أجزاء منه، وبيت السقا التاريخي حيث تم ترميمه في العام 2014 واستخدامه كمساحة ثقافية فنية، وتم استهدافه وتدميره. تشمل رؤية رواق ثلاث مراحل رئيسية؛ المرحلة الأولى، تقييم وتوثيق ورصد الأضرار وبناء القدرات، ستنفّذ هذه المرحلة من خلال وضع أطر العمل القانونية والمتعلقة في الحماية، من خلال العمل المباشر مع بلدية غزة ووزارة السياحة والآثار. سيتم تحديد وحماية المواقع للحماية من النهب والدمار ولاعتبارات تتعلق بالسلامة. سيتم فحص المواقع من الألغام أو القنابل/ الصواريخ غبر المنفجرة قبل السماح لأي شخص بالوصول إليها. أما المرحلة الثانية، فتقوم على التدخل الطارئ والترميم الوقائي لمنع تدهور حالة المباني وحمايتها من التخريب المقصود أو السرقة وتهيئتها للمرحلة الأخيرة من الترميم وإعادة الإعمار والحياة، لتشكل مجدداً جزءاً أساسياً من هوية القطاع وذاكرة أجيالها المتعاقبة. استطاع رواق حشد موارد لترميم جزئي وكلي لعدد من المباني التاريخية ومنها سوق القيسارية القديم، والجامع العمري الكبير وبيت فرح التاريخي، وبيت السقا وغيرها، ويعمل حالياً على التوثيق والتهيئة والتحضير لتدخلات سريعة فور وقف إطلاق النار أو وقف حرب الإبادة المستمرة.
القضية الفلسطينية اليوم اصبحت ذا تأثير عالمي فكيف يمكن ان تكون الهوية المعمارية الفلسطينية ذا بعد عالمي عابر للفضاء الجغرافي ؟
يمكن للهوية المعمارية أن تكون عابرة للفضاء الجغرافي من خلال تداعياتها المفاهيمية والمبادئ التي تتبناها، في عملنا في رواق نعتمد سلسلة من المبادئ والمفاهيم الملهمة التي قد توجه الفكر المعماري. الاعتماد على الموارد المحلية وتشغيل الأيدي العاملة كمحرك اقتصادي اجتماعي قد تكون من أهم التوجهات التي نتبعها. إن استخدام وتطوير الموارد المحلية تعزز انتماء العمارة للمنطقة وتحديد هويتها البصرية. إن استخدام المواد المحلية تقرب العمارة إلى طبيعة المنطقة وتحدياتها المناخية وتوجه البناء لطرق بيئية في التعامل مع الارتياح الحراري وفهم خصائص المواد وإعادة تدويرها.
إن المعرفة المختزلة في المباني التاريخية لا تقتصر على المواد والشق التقني للعمارة ونماذجها وأشكالها وإنما ترتبط بالسرديات للقرى والمدن وطريقة تطورها ونموها وعلاقتها الوطيدة بالحرف والصناعات المحلية والتجارة والزراعة والإنتاج وهوية المجتمع. كما وأنها دليل حي على حضارة المجتمعات الأصلانية التي عاشت المنطقة لقرون طويلة واستحدثت طرقاً للحياة والتعايش.
إن الحفاظ على الموروث الثقافي لا يعني تحنيط المجتمع في قالب زمني محدد أو الميل إلى النوستالجيا وتفضيل الماضي على الحاضر وإنما تعني نقطة انطلاق لتطوير ونمو المجتمع وعمارته من خلال فهم عميق لأصله وإمكاناته وموارده المادية والبشرية.
لرواق تجربة رائدة في إعادة إحياء وتطوير البلدات التاريخية من خلال مشروع القرى الخمسين، وفيه يتم التركيز على أهم 50 مركز تاريخي وترميمه وتطويع استخدامه بشراكة وطيدة مع المجتمع المحلي والمؤسسات القاعدية. النهج التخطيطي الشمولي لمشاريع إعادة الإحياء يمكن أن يكون عابراً للفضاء الجغرافي ويستلهم منه طرقاً لحماية وتطوير مراكز تاريخية في الإقليم.
هل يمكن التعامل مع العمارة كمنتج ثقافي وليس مجرد مادي ؟ وماذا قمتم به في رواق لتعزيز ذلك ؟
لا يمكن التعامل مع العمارة كمنتج مادي بحت أو نزع مكوناته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. لا تقتصر عملية الترميم والإحياء على الشق الفيزيائي للترميم والصيانة وتحسين البيئة المعيشية فحسب، وإنما تضمن سلسلة من البرامج والأنشطة للتوثيق والتواصل مع المجتمع. فشملت الأنشطة جلسات وجولات تاريخ شفوي مع كبار السن من الرجال والنساء، ومجموعة أنشطة مع الأطفال والمدارس والمؤسسات الثقافية القاعدية الفاعلة. بالإضافة إلى مجموعة تدخلات ثقافية وفنية بحثية تسعى لتوثيق التاريخ واستلهام طرق لربط الأجيال واستعادة العلاقة مع البلدات القديمة التي هجرت وأهملت لسنوات طوال من جهة، واستعادة العلاقة معا بين القرى ومدينة الحاضنة ” القدس” التي يحاول الاحتلال شرذمتها.
تتمحور رؤية مشروع إعادة إحياء البلدة القديمة في قلنديا حول جذب الحياة مجدداً للمباني التاريخية كمقرات لمؤسسات أو شركات صغيرة الحجم، ومبادرات إبداعية منتجة، من شأنها استقطاب المزيد من الزوار والمستخدمين للقرية، وتنشيط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأهالي القرية. يعد موقع قلنديا وقربها من مدينة رام الله أحد العوامل الأساسية التي وجهت رؤية المشروع.
تضم قلنديا مجموعة من الفضاءات العامة المتكونة من الأزقة والساحات والأحواش والحواكير والأسطح، ورؤية المشروع التصميمية تقوم على تكثيف وزيادة المساحات الخضراء والمزروعة، ليكون الجو العام في البلدة القديمة مشابهاً للطراز التقليدي للبلدة القديمة. وتحتوي البلدة القديمة على مجموعة من الحواكير والحدائق التي يهدف المشروع إلى زراعتها وتخضيرها، كما تحد البلدة القديمة من الغرب أراضٍ زراعية مصنفة “ج” (تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي أمنياً ومدنياً بحسب اتفاقية أوسلو التي وقِّعَت بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في العام 1993) ومقبرة البلد التي بزيادة الرقعة المزروعة فيها تشكل طوقاً أخضراً ومتنفساً للبلدة القديمة، وتقلل من التلوث الناتج عن المحيط المحتل والمقتطع من القرية.
كيف تقرأين مستقبل العمارة الفلسطينية خصوصا والعربية عموما واين دور التراث في ذلك ؟
يعتمد مستقبل العمارة الفلسطينية والعربية على وعينا كمعماريين وكمجتمع بالقضايا التي تم طرحها سابقاً، كاستجابة العمارة لتطلعاتنا وللتحديات البيئية ومسؤوليتها لنمو المجتمع بشكل عضو كمجتمع وليس كأفراد منفصلين.
الوعي والمعرفة أساس المجتمع.
سلسلة “لقاء المرشحين النهائيين” تقدم مجموعة من المقابلات مع الأفراد الذين وصلوا إلى القائمة القصيرة لجوائزنا. شذى صافي مرشحة لجائزة محمد مكية للشخصية المعمارية الشرق أوسطية لعام 2024، والتي تكرم الأفراد أو المؤسسات الذين ساهموا في الترويج، والتشجيع، وحملات التوعية، وكان لهم تأثير مباشر أو غير مباشر على تطور العمارة والبيئة العمرانية في الشرق الأوسط خلال فترة زمنية محددة.